يقول جدي عبدالله

كنت في سنة من السنين على حدود الربع الخالي  ? أرعى الإ بل والفصل فصل شتاء  وكان الجو باردا وهناك ذرات من المطر  تنزل من سماء ملبد بالغيوم ? فبحثت عن مكان منخفض لأبيت أنا وإبلي فيه اتقاء البرد ? فرأيت ذلك الخبت الدافيء  وجمعت إبلي فيه  وعقلتها ? وأعددت طعام العشاء ? وحفرت حفرة لأتقي فيها برد الصحراء ولأوفر ما معي من عباءة وبعض قطع الخيش لأضعه لحافا لي ? فتعشيت ونمت ? وفي منتصف الليل يوقظني شيء مس غطائي وهرب ? فتعوذت من الشيطان الرجيم  ? وقلت باسم الله الرحمن الرحيم ? وبدأ الخوف يدب في جسمي لعدم معرفتي بمن حاول إيقا ظي في هذا المكان الموحش ? ووقف شعر رأسي حينما سمعت ركضا  وطار النوم من عيني ? وقعدت جا لسا أتحسس معرفة ما حولي ? ولكنني مللت القعود فا ضطجعت ? وبدأ النوم يدب في عيني ? فسمعت من جديد صوت حركة شيء حولي ? فنهضت وقلت : من هنا ? فلم يجبني أحد  ? والظلام دامس ? وكنت قد جمعت بعضا من شجر" العرفج" لأعده للتدفئة في الصباح ? فأخذت شجرة منها وأو قدتها لعلي أعرف ما حولي ? فأبصرت بين الإ بل كلب صيد برقبته سير من جلد فأيقنت أنه هو من أيقظني ? ويريد أن يتدفأ معي تحت غطائي كما عوده أهله على ذلك ? ففرشت قطعة خيش بجواري وناديت الكلب فأتى فأومأت له بأن ينبطح على الخيش فمد جسمه عليه وطويت باقي الخيشة عليه ليتدفأ ? وأطفأت  النار  ونمت ? وحينما استيقظت من نومي وجدته قد أدخل رأسه تحت عباءتي ? ليستأنس بي كما عوده أهله ? وكان كلبا وديعا وماهرا في الصيد ? فاستخدمته لذلك لمدة يومين أو ثلاثة وهو يصيد لي الأرانب وبالفعل استأنست به ? وفي اليوم الثالث رأيته يتحفز وينظر من بعيد فإذا بشخص على بعيره مقبل عليّ فأحدث الكلب الهمهمات وحرك ذيله وشخص بأذنيه ? فعلمت بأنه يعرف الراكب القادم ? وحين وصوله وقف الكلب بجواره وبدأ يحتك به ? فقال لي صاحبه : من أين جاءك هذا الكلب ? يظن أني متمسك به ? قلت له : ما حصل لي من خوف بسبب كلبه ? فقال : إنه متعود على النوم معي تحت عباءتي ? فقلت بئس العادة هذه فأخذه وذهب . والله المستعان ..